"طلع كل اللي معاك ..فلوس – سجاير – موبايل .. أي حاجة وقف معاهم ورا الباب .. ومش كلام كتيير لأحسن .. كل الكلام ده دار في رأسي وانا أنظر للجثث المكومة خلف الباب ، حتي افقت علي كلام المامور لمحروس : أستاذ حسن ده إخوان مسلمين .. أمن دولة يعني !!
انتفض محروس عند هذه الكلمات وهب واقفا قائلا : أهلا يا باشا اتفضل يا عم الشيخ يا مرحب .. إنت سياسي ، وقام مشكورا بترتيب مكان بجواره أغلق المأمور باب الزنزانة وهي تصدر صوت صرير كئيب لأتلفت حولي أتطلع إلي تلك الوجوه بشوق ، فلطاما رأيناها في الأفلام ، فوجدت أناسا بدا عليهم الظلم واضحا قد رسم علي وجوهم حزن رهيب وحفرت ملامحهم تعبيرا آخر يدل علي قلة الحيلة وضيق ذات اليد ، سألت محروس " إيه يا أستاذ محروس .. إنت موقفهم كده ليه ؟" نظر إليهم محروس شاتما " ولاد .. يا أستاذ مش عارف أنام منهم .. اللي سارق عجلة واللي جاي في شيك أو كمبيالة .. حاجة تعر " طلبت منه أن يسمح لهم بالجلوس وسألتهم مين منكم لم يصلي المغرب أو العشاء قالوا كلنا ، قلت جميل أنا كمان مش صليت هنتوضأ ونصلي مع بعض ، وصلينا كلنا ما عدا محروس ، فسألته إيه يا محروس ، قال معلش يا أستاذ أصل أنا لسه شارب حشيش ومكسوف أقف قدام ربنا
الكلمة أثرت فيََ جدا وقررت في نفسي أنه طالما حرمت من العمل بالخارج ألا أحرمه بالداخل مع هؤلاء ، وكانوا بالفعل أشد حاجة إلي ذلك من غيرهم ، جلست مع محروس أسبر أغوار هذا العالم المجهول وعرفت منه كل شئ عن عالم المخدرات وتجارتها وأشهر التجار والأسعار وأهم الأماكن التي فوجئت بأن مراكز الشرطة هي أفضل مكان للشراء .. بالمختصر وجدت فيه عالماً فذاً بتخصصه .
المهم .. سألته إنت ليه انتفضت لما عرفت إن أنا سياسي أو إخوان مسلمين ، قال يا عم الشيخ السجن درجات أقل واحد فيه اللي هو حقير يعني ده بقي جاي في قضية شرف آداب يعني ، وبعيه الحرامي ، وبعدية السرقة بالإكراه وبعديه الأموال العامة وبعديه المخدرات وبعديه الإعدام وبعديه السياسي ، يعني إنت دلوقتي الكبير هنا .. ضحكت بجد لأول مرة من فترة
المهم.. قعدت مع كل واحد من الموجودين ساعة أعرف كل اخباره والتفاصيل منه عن قضيته وقصتها .. والله كل واحد منهم تنفع قصة فيلم أو رواية ، تاني يوم ولأن كلهم مظلومين خرجوا من النيابة وأنا بس اللي رجعت ، علشان أدخل السجن مع محروس وليمونة وشيكولاته وأسامة مش عارف ده كان اسمه غريب مش عارف ليه .. ايه اسامة ده
انتفض محروس عند هذه الكلمات وهب واقفا قائلا : أهلا يا باشا اتفضل يا عم الشيخ يا مرحب .. إنت سياسي ، وقام مشكورا بترتيب مكان بجواره أغلق المأمور باب الزنزانة وهي تصدر صوت صرير كئيب لأتلفت حولي أتطلع إلي تلك الوجوه بشوق ، فلطاما رأيناها في الأفلام ، فوجدت أناسا بدا عليهم الظلم واضحا قد رسم علي وجوهم حزن رهيب وحفرت ملامحهم تعبيرا آخر يدل علي قلة الحيلة وضيق ذات اليد ، سألت محروس " إيه يا أستاذ محروس .. إنت موقفهم كده ليه ؟" نظر إليهم محروس شاتما " ولاد .. يا أستاذ مش عارف أنام منهم .. اللي سارق عجلة واللي جاي في شيك أو كمبيالة .. حاجة تعر " طلبت منه أن يسمح لهم بالجلوس وسألتهم مين منكم لم يصلي المغرب أو العشاء قالوا كلنا ، قلت جميل أنا كمان مش صليت هنتوضأ ونصلي مع بعض ، وصلينا كلنا ما عدا محروس ، فسألته إيه يا محروس ، قال معلش يا أستاذ أصل أنا لسه شارب حشيش ومكسوف أقف قدام ربنا
الكلمة أثرت فيََ جدا وقررت في نفسي أنه طالما حرمت من العمل بالخارج ألا أحرمه بالداخل مع هؤلاء ، وكانوا بالفعل أشد حاجة إلي ذلك من غيرهم ، جلست مع محروس أسبر أغوار هذا العالم المجهول وعرفت منه كل شئ عن عالم المخدرات وتجارتها وأشهر التجار والأسعار وأهم الأماكن التي فوجئت بأن مراكز الشرطة هي أفضل مكان للشراء .. بالمختصر وجدت فيه عالماً فذاً بتخصصه .
المهم .. سألته إنت ليه انتفضت لما عرفت إن أنا سياسي أو إخوان مسلمين ، قال يا عم الشيخ السجن درجات أقل واحد فيه اللي هو حقير يعني ده بقي جاي في قضية شرف آداب يعني ، وبعيه الحرامي ، وبعدية السرقة بالإكراه وبعديه الأموال العامة وبعديه المخدرات وبعديه الإعدام وبعديه السياسي ، يعني إنت دلوقتي الكبير هنا .. ضحكت بجد لأول مرة من فترة
المهم.. قعدت مع كل واحد من الموجودين ساعة أعرف كل اخباره والتفاصيل منه عن قضيته وقصتها .. والله كل واحد منهم تنفع قصة فيلم أو رواية ، تاني يوم ولأن كلهم مظلومين خرجوا من النيابة وأنا بس اللي رجعت ، علشان أدخل السجن مع محروس وليمونة وشيكولاته وأسامة مش عارف ده كان اسمه غريب مش عارف ليه .. ايه اسامة ده
وبما أني الكبيير .. فانا كنت عامل برنامج عجبهم جدا ، بصفة عامة ، كان فيه دردشة في السيرة بعد العشاء يوميا ولمده ساعتين كانوا بيطلبوا إنها تزيد ، وبعد ما نخلص فترة حرة " حشيش وبانجوا وسجاير طبعا لمدة نصف ساعة " ودي الحاجة الوحيدة اللي كانت مؤذية في الموضوع لان غير كده مش كنت سامح ليهم إلا بالتدخين وفي أوقات معينة وواحد واحد . كانت فيه فترة لكل واحد منهم لمشكلاته الشخصية ، وساعة يوميا عن علامات الساعة ويوم القيامة ، وفي خطبة الجمعة كان العنوان أصلح نفسك وادع غيرك واعف عن من ظلمك ، وفجأة اشتعلت أحداث غزة ومع وصول الجرائد بانتظام ، كنت أجمع الصور وأعلقها علي الجدران ، وكان لنا وقفه شديدة مع احداث غزة وتفاعل معها الجميع عندما وجدوني أضرب الباب بقوة ذات ليلة فقاموا جميعا يضربون الجدران والباب حتي وصل المأمور وأخرجني من بينهم حتي لا أحدث فتنة بينهم .وقال يا أستاذ حضرتك ضيف عندنا ، إحنا مش عارفين نعمل معاك ايه .. الجنائيين عرفوا غزة !! قلت له حقهم يعرفوا ويفهموا .. ولم أكمل الليلة حتي كانت الترحيلات تصل ، لأودع أصدقاء الغرفة بعد أن وعدوني جميعا بالتوبة والابتعاد عن هذا الطريق .
خرجت من هذه التجربة التي قضيت فيها ما يقربي من عشرة أيام بعدة أمور
- أن هذه الفئة المطحونة مظلومة لأبعد الحدود من النظام والمجتمع والاهل والأقارب وجشع المعيشة
- هذه الفئة تحتاج لمن يقدم لها يد العون والمساعدة ويدلها علي طريق الهداية بدليل أنهم كانوا يصلون معي وصاموا يومي الاثنين والخميس وكانوا حريصين علي الاستماع للسيرة
- من اراد أن يحصل علي درجة علمة متميزة في علم النفس أو علم الجريمة سواء ماجستير أو دكتوراة ، لا بد أن يتعايش وسط هذا الفئة ، حتي يطابق الواقع ويدرسه جيدا
- الخبرة التي استفدت في سجن المركز ، كانت جيدة جدا عندما كنت أؤدي الامتحان داخل السجن العمومي في الزقازيق ، حيث كنت مجاورا للإعدام ، ولحسن الحظ في نفس الزنزانة التي قضي فيها الدكتور حسن الحيوان رحمه الله شهوره الأخيرة .
- أن هذه الفئة تعاني مشكلات نفسية رهيبة إن لم نجد لها حلا فسيعاني منها الجميع لا شك