انتهي وقت الرحيل ولم يعد هناك ما يجدي أو يفيد الأحباب رحلوا وتركوني
لم أعد أعرف ما المغزي من حياة يملؤها الملل والإحباط وأناس لا يبالون
بما نفعل او نصنع من أجلهم .. اناس كل ما يشغل بالهم هو ما يصلبون به ظهورهم
حتي يواصل حياته المملة الكئيبة الرتيبة الخالية من المشاعر والأحاسيس
دارت تلك الأحاديث القاتلة في مخيلتي في لحظات صمت رهيبة
أراجع فيها نفسي لماذا يرحل الأحباب ؟ ، لماذا يعتقل الشرفاء ؟
إلي متي سنتحمل هذه الأوزار ؟
إلي متي ..؟
إلي متي ..؟
تذكرت تلك الكلمات .. لم أكن أفكر فيها إلا في لحظات الفرح والسعادة
بذرة الشر تهيج، ولكن بذرة الخير تثمر، إن الأولى ترتفع في الفضاء سريعآ ولكن جذورها في التربة قريبة، حتى لتحجب عن شجرة
الخير النور والهواء، ولكن شجرة الخير تظل في نموها البطيء، لأن عمق جذورها في التربة يعوضها عن الدفء والهواء ، مع أننا حين نتجاوز المظهر المزور البراق لشجرة الشر، ونفحص عن قوتها الحقيقية وصلابتها، تبدو لنا واهنة هشة نافشة في غير صلابة على حين تصبر شجرة الخير على البلاء، وتتماسك للعاصفة، وتظل في نموها الهاديء البطيء، لا تحفل بما ترجمها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك
عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة لقد جربت ذلك ، جربته مع الكثيرين، حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور
شيء من العطف على أخطائهم وحماقاتهم، شيء من الود الحقيقي لهم، شيء من العناية- غير المتصنعة- باهتماماتهم وهمومهم ، ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص ، إن الشر ليس عميقآ في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا، إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء ، فإذا أمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية ، هذه الثمرة الحلوة، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر الناس بالأمن من جانبه، بالثقة في مودته، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم، و على أخطائهم او على حماقاتهم كذلك ، وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله، أقرب مما يتوقع الكثيرون ، لقد جربت ذلك، جربته بنفسي ، فلست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام
بذرة الحب
عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفى أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة. إننا لن نكون في حاجة إلى أن نتملق الآخرين لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين إذ نزجي إليهم الثناء. إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير وسنجد لهم مزايا طيبة نثنى عليها حين نثنى ونحن صادقون، ولن يعدم إنسان ناحية خيرة أو مزية حسنة تؤهله لكلمة طيبة، ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها إلا حين تنمو في نفوسنا
بذرة الحب
كذلك لن نكون في حاجة لأن نحمل أنفسنا مؤونة التضايق منهم ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم لأننا سنعطف على مواضع الضعف والنقص ولن نفتش عليها لنراها يوم تنمو في نفوسنا بذرة العطف! وبطبيعة الحال لن نجشم أنفسنا عناء الحقد عليهم أو عبء الحذر منهم فإنما نحقد على الآخرين لأن بذرة الخير لم تلتئم في نفوسنا نموا كافيا، ونتخوف منهم لان عنصر الثقة في الخير ينقصنا